حضر محمود درويش، شعرا ومواقفَ، والقضية الفلسطينية، في لقاء لـ”بيت الشعر” استقبله الفضاء الثقافي لمقهى النهضة بمدينة الرباط، مساء أمس الأربعاء، وقُدّم فيه أحدث مؤلفات الإعلامي والكاتب عبد الصمد بن الشريف: “الشاعر محمود درويش – أنا حيث أنا: مشروع حضور مقابل العدم”، الصادر عن منشورات مكتبة السلام الجديدة، بتقديم من الأكاديمي والسفير حسن طارق.
بن الشريف الذي يدير “القناة الثقافية” بالشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة، قال إن هذا الكتاب ثمرة سلسلة لقاأت مع الشاعر محمود درويش، امتدّت عشر سنوات، في حوارات أجريت بين سنتَي 1995 و2005، علما أن أهمية الحوارات تصييرُ كل ما ينطق به المحاوَر “وثيقة وشاهدا”.
وأوضح الكاتب أن العمل الجديد يقدم سفرا متعدد الاتجاهات والمحطات في آراء محمود درويش ذي “الحدس العابر للحواجز”، حول “الوطن، والصراع، ومسلسل السلام، والإسرائيليّ الذي لم يستطع إحداث قطيعة مع الأسطورة والسردية التي تشبع بها والخرافة التي أسس بناء عليها دولة”، و”منظوره للسياسة والصراع والمستقبل، وموقفه من السلام، والفهم العسكري الأمني للسلام عند الإسرائيليّ، وعدم تهيّء المجتمع الإسرائيلي لقبول الآخر، وخيبات درويش في مساره الشعري”.
كما ذكر بن الشريف أن الشاعر الراحل قد تشبث بـ”خدمة القضية الفلسطينية من موقعه كشاعر”، ورفض اقتراح الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات تعيينَه وزيرا للثقافة، وكان “دائما مع الوحدة الوطنية” لأنه بدونها سيكون الطريق معبدا “لتنفيذ مخططات الكيان أو الاحتلال الإسرائيلي”، مع حديثه عن وعيه بتعقد المسألة قائلا: “أعرف الصراع، والتفخيخ للوحدة الوطنية الفلسطينية، وحاورت الرئيس الفلسطيني عباس أبومازن أربع أو خمس مرات”.
المتحدث الذي سبق أن زار فلسطين المحتلة، قال: “إسرائيل من تتحكم، دخلتُ عبر معبر رفح وعبر جسر الملك حسين بالأردن، وشاهدتُ الإذلال والحصار، بهدف إشعارك بالملل والضجر حتى تستسلم”.
وتابع: “لا ينبغي أن نتفاجأ اليوم من الدعم الأمريكي للإسرائيليين، فقد أعلنت قبلُ أمريكا الحربَ على إعلان الدولة الفلسطينية بعد إعلان ياسر عرفات لها”، كما تذكّر أن “سكان غزة والضفة الغربية كانوا يعقدون آمالا على مسلسل السلام بعد اتفاقية أوسلو، لكن سرعان ما أُجهض كل شيء”، فإسرائيل عملت على “إجهاض كل خطوة لصالح الفلسطينيين في مهدها”، وهو ما يستمر “مع الهستيريا الحالية التي لا تسعفنا اللغة في وصفها”، في إشارة إلى القصف الإسرائيلي المتواصل لفلسطينيّي قطاع غزة.
من جهته، ذكر الشاعر عبد الغني عارف أن “الاحتفاء بهذا الكتاب في السياق الذي نحن فيه، ليس احتفاء به وبالشاعر محمود درويش فقط، بل نستحضر فيه قضية أكبر من الأشخاص (…) القضية الفلسطينية”.
وأضاف في تقديمه للمؤلَّف: “هذا الكتاب شكل من أشكال المقاومة أيضا، حتى ولو نُظِر للكلمة على أنها عابرة، هي شكلٌ أساسٌ من أشكال المقاومة، له عمقه في التاريخ والفعل الإنساني”.
وأبرز المتدخل غنى مضامين الحوارات “بين حقول الطفولة، والحب، وفلسطين، والكتابة الشعرية، والمقاومة، والحداثة، والحرب، والسلام، والتطبيع”، كما ذكر أن أهمية المنشور الجديد تكمن في “طابعه التوثيقي لمرحلة من الكتابة والإبداع عند درويش”، حيث “يكشف عن ملابسات وسياقات سياسية وفكرية”، ونبه إلى مضمرات الحوارات التي هي “في العمق مساءلة تراجيدية للذاكرة، والتاريخ، والوجدان الجماعي، والمصير المشترك”.
Source : Hespress Arabia